
كيفية تحسين التعامل مع سوء السلوك البحثي: الخبراء يختلفون حول أفضل نهج
لا يزال التعامل مع سوء السلوك البحثي قضية مثيرة للجدل في المجتمع العلمي، حيث كشف استطلاع جديد عن خلافات حادة بين من يحققون في سوء السلوك داخل المؤسسات والباحثين المستقلين الذين يكشفون عن الانتهاكات الأخلاقية. يسلط الاستطلاع، الذي نُشر مؤخرًا كمسودة أولية على منصة زينودو، الضوء على الانقسام المستمر بين مسؤولي النزاهة المؤسسية وما يسمى ”بالمحققين“ العلميين، خاصة حول كيفية معالجة ادعاءات مثل الانتحال والتلاعب بالبيانات والتزوير.
تؤكد هذه الاختلافات على التوتر المتزايد بين الأطر المؤسسية والجهود المستقلة للحفاظ على النزاهة العلمية. وبينما يتفق كلا الفريقين على أن سوء السلوك يضر بمصداقية البحث ويجب معالجته، فإن وجهات نظرهم حول كيفية التعامل مع الحالات تختلف بشكل كبير.
المحققون مقابل مسؤولي النزاهة: جبهة منقسمة
قاد الاستطلاع دوروثي بيشوب، عالمة النفس المتقاعدة والمدافعة عن نزاهة البحث من جامعة أكسفورد، وجمع مدخلات من 79 مشاركًا تراوحوا بين المحققين ومسؤولي المؤسسات والباحثين ومحرري المجلات، معظمهم من أوروبا.
اعترف كلا الفريقين بأن الضغط الأكاديمي للنشر قد يشجع على السلوك غير الأخلاقي. ومع ذلك، اعتقد أقل من 6% من المحققين أن أنظمة الإبلاغ الحالية فعالة، مقارنة بـ 77% من مسؤولي النزاهة. غالبًا ما ينتقد المحققون التحقيقات المؤسسية باعتبارها بطيئة وغير متسقة ومليئة بتضارب المصالح.
هل يمكن للمؤسسات التحقيق مع باحثيها بإنصاف؟
أظهر الاستطلاع أن 64% من مسؤولي النزاهة يفضلون نموذج التنظيم الذاتي، حيث تحقق المؤسسات مع باحثيها. في المقابل، دعم 28% فقط من المحققين هذا النهج. يجادل النقاد بأن المؤسسات قد تكون مترددة في معاقبة الباحثين البارزين، مما يخلق تضاربًا في المصالح ويقلل من المساءلة.
أشار رينيه أكواريوس، وهو محقق وباحث في جراحة الأعصاب من المركز الطبي بجامعة رادبود في هولندا، إلى الإحباط بين المراقبين المستقلين. يشعر الكثيرون أن حالات واضحة من سوء السلوك لا يتم التعامل معها بسرعة أو شفافية.
الدعوة للرقابة الخارجية
هناك قلق مشترك بين كلا المجموعتين وهو عدم وجود هيئة وطنية مستقلة للتعامل مع ادعاءات سوء السلوك. أيد 75% من المحققين و59% من مسؤولي النزاهة فكرة وجود وكالة خارجية تعمل بشكل مستقل عن التأثير الحكومي. على الرغم من أن بعض الدول الأوروبية لديها منظمات على المستوى الوطني تراجع التحقيقات، إلا أن معظم المؤسسات لا تزال تحتفظ بالسيطرة على الإجراءات التأديبية.
أكد بيرت سيغرز، رئيس الشبكة الأوروبية لمكاتب نزاهة البحوث، أنه حتى في البلدان ذات الرقابة المركزية، تظل العقوبات من مسؤولية المؤسسات الأم.
الجداول الزمنية للسحب والتأخيرات المؤسسية
كان الجدول الزمني لسحب الأبحاث المعيبة مجالًا آخر للخلاف الكبير. أيدت أغلبية قوية (81%) من المحققين السحب الفوري للدراسات التي تظهر علامات واضحة على سوء السلوك، حتى قبل انتهاء التحقيقات الرسمية. وافق 55% فقط من مسؤولي النزاهة على ذلك.
يجادل سيغرز بأنه في حين أن عمليات السحب في الوقت المناسب مهمة، يجب أن تستند إلى أدلة شاملة وموثقة جيدًا. ويقترح إنشاء نظام ”سريع المسار“ للحالات الواضحة لتحقيق التوازن بين الإلحاح والإنصاف.
ماذا يحدث بعد تأكيد سوء السلوك؟
عندما يتعلق الأمر بالعواقب، يتعمق التباين في الآراء. أوصى حوالي 86% من مسؤولي النزاهة بـ إعادة تدريب الأفراد المدانين بسوء سلوك خطير، بينما وافق 33% فقط من المحققين. يجادل النقاد بأن إعادة التدريب وحدها غير كافية وأنه ينبغي النظر في تدابير أكثر صرامة – مثل الحد من الأدوار الإشرافية أو الوصول إلى المنح.
أيد سيغرز، متفقًا مع المحققين، أن الإجراءات الوقائية الأقوى ضرورية للحد من تكرار المخالفات وحماية نزاهة البيئة الأكاديمية.
سد الفجوة من أجل رقابة أفضل
على الرغم من اختلافاتهما، يدرك كلا الفريقين الحاجة إلى تواصل أفضل ومعايير مشتركة. أكد أكواريوس على أهمية الحوار المفتوح لسد الفجوة وتطوير حلول عملية يمكن أن تدعمها كل من الهيئات المؤسسية والجهات الفاعلة المستقلة. يمثل هذا الاستطلاع خطوة نحو إنشاء سياسات أكثر شفافية وفعالية لـ التعامل مع سوء السلوك البحثي، مع آمال بأن تلهم النتائج الإصلاح والتعاون على المستويين المؤسسي والدولي.